جامع بلاد الحضر توزر
- توزر
جامع بلاد الحضر توزر
يعتبر هذا المعلم التاريخي الهام من أشهر المعالم الدينية بجهة توزر وذلك لقدمه فهو يُعدّ أول المعالم الدينية التي تم بناؤها في الفترة الإسلامية وذلك اعتمادا على النقيشة المنحوتة في محرابه و المؤرخة بنهاية القرن السادس هجري هذا بالإضافة إلى طابعه المعماري الذي يعود حسب المختصين إلى الطابع المغربي الأندلسي وفي هذا الإطار يمكن العودة إلى الدراسة التي قام بها المؤرخ الفرنسي جورج مارسيه حول محراب جامع بلاد الحضر بتوزر والتي بين فيها الأهمية المعمارية والفنية لهذا المعلم الديني وذلك من خلال مجموعة من الزخارف التي نحتت على محرابه.
تاريخ بناؤه:
من المرجح أن جامع بلاد الحضر قد تم بناؤه مباشرة بعد الفتح الإسلامي في نهاية القرن السابع ميلادي ولقد بينت الأبحاث الأثرية أن هذا المعلم قد بني على أنقاض كنيسة مسيحية التي تم تشييدها في أواخر العهد الروماني.
الخصوصية المعمارية:
لعل ما يميّز جامع بلاد الحضر هو الطابع المعماري لهذا المعلم الديني الذي يتكوّن من بيت لصلاة وصحن كبير هذا بالإضافة للميضأة، أما الصومعة فهي تحتل الركن الشمالي الغربي للصحن ولقد بُنيت قاعدتها بالحجارة الرومانية المهندمة أما بدانتها فلقد أعيد بناؤها عدة مرات ووشحت بالآجر المحلي، ويحتل الجامور الجزء العلوي منها وتعلوه أربعة قبيبات إشارة إلى المذاهب الأربعة السنية وإلى التسامح الديني الذي كان يسود في بلاد الجريد في تلك الفترة وذلك حسب رواية ابن الشباط في كتابه "صلة السمط".
على المستوى المعماري يتميز جامع بلاد الحضر بتعدد مرجعياته وبالخصوص تأثره الكبير بجامع الأغالبة بالقيروان وذلك من خلال بنيته وتخطيطه هذا بالإضافة إلى احتوائه على الخصوصيات المحلية التي تبرز أساسا في مواد بناء مئذنته ذات الأربع قباب المبنية سنة 1027-1031 ميلادي إضافة إلى تأثره بالطابع الأندلسي من خلال محرابه المزخرف والمؤرخ بين سنتي 1193 و1194 ميلادي.
وتجدر الإشارة إلى أن جامع بلاد الحضر قد جلب اهتمام العديد من الباحثين والأكاديميين والمختصين في ميدان التراث الإسلامي في تونس، نذكر من بينهم الباحثة في التراث الإسلامي الدكتورة جهينة بوترعة التي أعدت بحثا لنيل شهادة الدراسات المعمقة في التاريخ الإسلامي من كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس سنة 2001 تحت عنوان "الجامع الكبير ببلاد الحضر وتطوره في الفترة الوسيطة، دراسة تاريخية وأثرية". دراسة الأستاذ وسيم إسماعيل لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ الإسلامي من كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس سنة 2010 تحت عنوان حول "التمدين في بلاد الجريد إلى أواسط القرن الخامس هجري: دراسة تاريخية وأثرية".
الدور التعليمي لجامع بلاد الحضر:
يستمد جامع بلاد الحضر قيمته التاريخية من الدور التعليمي الذي اضطلع به طيلة الفترة الوسيطة على غرار جامع الأغالبة بالقيروان وجامع الزيتونة في تونس وهذا الدور جعله يشعّ على كامل منطقة الجنوب التونسي وفي القطر الجزائري المجاور حيث أتى العديد من طلبة العلم الجزائريين لنيل العلوم الفقهية وحفظ القران الكريم.
لقد اضطلع جامع بلاد الحضر طوال تاريخه بدور علمي كبير حيث تخرج منه عدد كبير من العلماء أمثال ابن الشباط وأبو الفضل النحوي وابن زكرياء الشقراطسي وابنه عبد الله الشقراطسي. ويمكن في هذا الإطار التعريف بأبرز علماء الجريد الذين تخرجوا من جامع بلاد الحضر:
- عبد الله الشقراطسي هو فقيه ومحدث وشاعر وأديب عاش في القرن 11 ميلادي له العديد من المؤلفات أشهرها قصيدة الشقراطسية.
- أبو زكرياء يحي الشقراطسي وهو شاعر وأديب عاش في القرن 11 ميلادي له عدة مؤلفات في الفقه و الفتاوى و النوازل.
- أبو الحسن اللخمي وهو فقيه واضطلع بالقضاء في توزر حتى أن المصادر تقول انه أفتى لأحد القضاة بجواز بيع أحباس النصارى ليصرف ثمنها لبيت مال المسلمين.
- ابن الشباط هو أحد العلماء المتخصصين في ميدان الهندسة وقد قام بتقسيم ماء الري بواحة توزر ونفطة.
- أبو الفضل النحوي متخصص في ميدان الأدب واللغة ولقد تتخرج من جامع بلاد الحضر وهو أصيل مدينة توزر.



